(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
76313 مشاهدة
بشارة الله لمن آمن واستقام على طريقه

...............................................................................


وقد مدح الله الذين يقولون هذه المقالة، وجعل لهم ثوابا: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ما ذكر الله من أعمالهم إلا أنهم: قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ قالوه بألسنتهم، واعتقدوه بقلوبهم، وأنهم حققوا هذه المقالة التي هي اعتقادهم ربوبية الله تعالى، والرب هو المعبود، كما قال تعالى: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ثم استقاموا على أمر الله تعالى، فذكر أن ثوابهم الجنة: أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وكذلك في سورة فصلت: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ما ذكر من أعمالهم إلا أنهم: قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ وهذا هو العقيدة ثُمَّ اسْتَقَامُوا وهذا هو العمل، فعقيدتهم إقرارهم بأن الله تعالى هو ربهم, العمل استقامتهم على أمره؛ يعني التزامهم بالطاعة وتركهم للمعصية.
ذكر الله ثوابهم في هذه الآية، فذكر عشرة أنواع من الثواب؛ منها ما هو في الدنيا، ومنها ما هو في الآخرة، فيقول الله تعالى: الأول: نزول الملائكة: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ قيل: إن هذا عند قبض أرواحهم، والمراد هاهنا ملائكة الرحمة الذين إذا نزلوا ثبتوا الإنسان وبشروه، إذا كان من أهل الجنة كما في قول الله تعالى في إخباره عن وفاة المؤمن: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ فهذا بشارة أنه تتنزل عليهم الملائكة.